لم فشل الذكاء الإصطناعي في مواجهة فيروس كورونا "Covid 19"

لم فشل الذكاء الإصطناعي في مواجهة فيروس كورونا "Covid 19" 

Coronavirus-4906413-1920-2


من خلال متابعة إنتشار فيروس كورونا (Covid 2019) في الأسابيع الماضية, الذي قد سبق تصنيفه كوباء عالمي توجب أخذ الإحتياطات اللازمة لتفاديه. نتج عن إنتشار هذا المرض الكثير من الضوضاء والمعلومات الخاطئة التي قد زادت كثيرا من خوف ورهبة الناس من المرض بدلا من تشجيعهم على التغلب عليه, ولكن السؤال الذي يجب طرحه هنا هو أين هو دور التقنيات والتكنولوجيا في مكافحة هذا المرض؟ وعلى وجه الخصوص ما يُسمي بالذكاء الإصطناعي الذي لا ينفك ذكره ليلا ونهارا.

يبني الذكاء الإصطناعي أولى خطواته في جميع المجالات والتقنيات ومن ضمن هذه التقنيات قدرته على إكتشاف الأوبئة والأمراض المزمنة مبكرا وإكتشاف علاج ودواء لها, فتوجد العديد من الشركات والمؤسسات التي تختص بإكتشاف الأوبئة الموجودة في العالم مبكرا والسيطرة عليها قبل التفشي وتتسبب في إنتشار الفوضي وخلل الأنظمة الإقتصادية للعالم. ولكن لم تلعب هذه المؤسسات إلا دور صغير في مكافحة والسيطرة على إنتشار فيروس كورونا المستجد ومن الممكن أن ذلك يرجع إلى أن هذه المؤسسات مازالت في مراحلها الأولية.

في أواخر العام 2019 وقبل بداية العام الجديد 2020 بيومين فقط تنبأ نظام ذكاء إصطناعي HealthMap, وهذا النظام التابع لمستشفي أطفال في بوسطن بتفشي مرض رئوي مجهول في مدينة ووهان الصينية, لكن المسئولين عن هذا التنبأ والإكتشاف لم يأخذوا ذلك على محمل الجد إلا بعد تفشي المرض بالفعل بأيام في الصين بأكملها. كما يبدو أن النظام HealthMap  لم يكن الوحيد الذي تنبأ بذلك فأيضا شركة BlueDot الكندية لاحظت حدوث نفس الشئ وهناك مؤسسة طبية ثالثة أيضا تنبأت بتفشي هذا المرض ولكن كل هذه الأنظمة لم تراعي الجدية في الأمر بتاتا.

قد نتساء كثيرا ونغضب بسبب تجاهل الحكومات والأنظمة السياسية والمنظمات العالمية وتأخرها في التصدي للمرض على الرغم من وجود الكثير من التنبيهات والتأكيدات على تفشي وإنتشار هذا الوباء و حيث أن التصرف ورد الفعل المبكر لهذا الوباء كان سيمنع عنا العديد من الفوضي التي تعاني منها الشعوب في جميع أنحاء العالم الان. 

كيف تعمل هذه الأنظمة:


تعتمد العديد من هذه الأنظمة على قراءة وتفسير المعلومات من المواقع والشبكات الاجتماعية ومصادر الأخبار الرسمية، وهذا الأمر ينطوي على العديد من المشاكل أهمها “جودة البيانات” ففي الكثير من الأحيان يصعب تقييم مدى جودة البيانات خصوصا على الشبكات الاجتماعية، وهي مشكلة يعاني منها البشر، فما بالكم بالآلات.

يزداد مستوي صعوبة تحلل البيانات كلما زادت التغطية الإعلامية والحديث عن الفيروس في المجتمعات. حيث أننا ندخل وقتها في مرحلة الهرج والمرج, لهذا تحتاج هذه الأنظمة لوجود إشاراف إنساني يقوم بتقييم النتائج التي تم التوصل إليها, ولأن هذه الأنظمة قد بًنت توقعها على أقاويل الناس لذا يحتاج المشرف البشري إلى التأكد من مصادره الخاصة لمعرفة المعلومات اللازمة مثل المستشفيات وغيرها للتأكد فقط من المعلومات قبل إصدار أي تحذيرات رسمية أو أوامر. 

تأخذنا هذه الأسباب إلى التفكير في حلول مستقبلية يُمكن أن تساعد العالم أجمع على مجابهة المرض والوباء بشكل أفضل وذلك من خلال توفير البيانات ذات الجودة العالية لأنظمة الذكاء الإصطناعي, ولعل أفضل هذه المصادر لجلب مثل تلك المعلومات هى المستشفيات.

حيث أن المستشفي هى المكان الوحيد والأول الذي سيتوجه إليه أي مريض في مختلف دول العالم بغرض الحصول وتلقي العلاج, أما في حالة فيروس كورونا المستجد فمن المؤكد أن نسبة كبيرة من المصابين قد سبق وتوجهت إلى المستشفيات من أجل تلقي المداواة, ومن هنا تعتبر المستشفي هى المصدر الأفضل والأدق للحصول على البيانات اللازمة الصحيحة بشكل مبكر, ولكن هذه تعتبر معضلة في حد ذاتها.

مصدر بيانات موثوق حول فيروس كورونا:

تتركز المشكلة في صعوبة التوصل السريع إلى بيانات أي مستشفي وذلك في حالة توافرها بشكل مفتوح وعلني, حيث أن كل مؤسسة طبية تعمل تبعا لنظام مختلف تماما عن الآخر, وبيانات المرضي تكون موزعة على العديد من المستشفيات ولكن تبعا للقوانين تكون مغلقة ومنعزلة ورغم وجود السجل الطبي الإلكتروني وإختراعه منذ فترة طويلة إلا أنتطبيقه لم يتم إلا في بلدان ودول محدودة ف بعض قارات العالم. 

نعم, الجميع يدرك أننا في عصر التقنيات والبيانات والإنترنت وتوفر البيانات الدقيقة بشكل سريع يعني سرعة التحليل والتًمكن من سرعة إتخاذ القرارات. ولكن كانت هذه المشكلة في حالة فيروس كورونا المستجد, حيث أن العديد من الشركات المتخصصة في الذكاء الإصطناعي يكون إعتمادها الكبير على الشبكات الإجتماعية كما سبق وأشرنا وبعض المصادر لآخري مثل الصحف والإعلام وكن تعتبر نسبة الدقة بسيطة جدا مقارنة بالمعلومات التي يُمكن إستحداثها وجلبها من المستشفيات.

ومع ذلك يُمكن القول أنه لوأتحنا الفرصة للوصول للبيانات بشكل مباشر وسريع لهذه الشركات فإن ذلك لا يُمكن أن يترتب عليه الكثير من الخروقات والمشاكل في الأنظمة السياسية للخصوصية, وهذا معناه أننا فقط نفتقر إلى تشريعات مُحكمة وقوية لمثل هذه الأمور, ولكن بسبب أن التشريعات لا يُمكن أن تواكب التقنيات فإن تطبيق ذلك الأمر لا بُد وأن سيأخذ وقتا طويلا.

ولو عدنا إلى فيروس كورونا، فلو توفرت هناك أنظمة تقرأ بيانات جميع المستشفيات بشكل دائم  فسوف يتم تنبيه الوزارات والمؤسسات الرئيسية وكل المستشفيات عن تفشي وباء جديد بأعراض معينة، وهذا التنبيه سيذهب إلى بعض الأطباء من أجل تحليل وتفسير الموقف وأخذ الإحتياطات المناسبة واللازمة, وبدلا من الحجر سيتم التوجه إلى المناطق والقطاعات التي ظهر وتفشي فيها الوباء أو المرض  وستقوم المطارات  بفحص القادمين واللاجئين من الأماكن والدول التي ظهر المرض، وكل هذه النتائج المترتبة ستحدث مبكراً جداً وبدل أن يتمفشي المرض بين جميع البشر ويُصاب الآلآف به من المُمكن أن تقل نسبة الإصابة نتيجة للوعي الزائد إلى المئات أو العشرات فقط ونتفادي الكثير من الفوضي في السياسة والإقتصاد وغير ذلك.

عودة إلى الذكاء الأصطناعي: 

يجب أن نعرف وندرك أن الذكاء الإصطناعي محل إعتماده في المرتبة الأولى على البيانات, فدقة البيانات ومصدرها مهم جدا جدا من أجل الحصول على عمل جيد بكفاءة كبيرة, فالأمر أشبه بتعليم طفل صغير, حيث إذا كنت تقوم بتلقين الطفل بمعلومات خاطئة فسوف يأقلم نفسه على هذه المعلومات الخاطئة وسوف يتخذ قراراته وحل أموره بناءا عليها, فالذكاء افصطناعي مثله مثل الطفل, حيث يجب عليك تزويده بالمعلومات الصحيحة لكي تستفيد منه بأكبر شكل ممكن ولكن كل ذلك يجب أن يكون ضمن وتبعا للحدود وللقوانين لكي لا يتم إستغلالها بشكل سيئ.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -